الضحك فى الإسلام

الإسلام دين السماحة واليسر لا يرفض الضحك ولا يمنعه وإنما يقبل منه ما يقوي أواصر الود والترابط بين أفراد المجتمع المسلم.
والضحك من مخلوقات الله جل جلاله الذي أوجده في الإنسان قال تعالى {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى}.
بل إن الضحك صفة من صفات الباري جل جلاله فعَنْ أَبِي رَزِينٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ضَحِكَ رَبُّنَا مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ – أَيْ من شدة يأسهم – وَقُرْبِ غِيَرِهِ – تغير الحال – فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوَ يَضْحَكُ الرَّبُّ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ لَنْ نَعْدِمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا» ومما ورد أيضًا في ضحك الله جل وتعالى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَضْحَكُ اللَّهُ إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ يَدْخُلاَنِ الجَنَّةَ يُقَاتِلُ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلُ ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى القَاتِلِ فَيُسْتَشْهَدُ»
والسحاب أيضا يضحك فعَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي غِفَارٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُنْشِئُ السَّحَابَ فَيَنْطِقُ أَحْسَنَ الْمَنْطِقِ وَيَضْحَكُ أَحْسَنَ الضَّحِكِ»
ولَيْلَةَ أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «رَأَى رَجُلا عَنْ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ وَعَن يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ تَبَسَّمَ وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَسَارِهِ بَكَى فَقُلْتُ لِجِبْرِيلَ مَنْ هَذَا؟ قَالَ هَذَا أَبُوكَ آدَمُ وَهَذِهِ نَسَمُ بَنِيهِ فَأَهْلُ اليَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الْجَنَّةِ وَالْأَسْوِدَةُ الَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ فَإِذَا نَظَرَ عَنْ يَمِينِهِ ضَحِكَ وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى»
وها هو سليمان عليه السلام يحكى الله قصته مع النملة فيقول تعالى {حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا}
وضحكت زوجة ابراهيم عليه السلام تعجبا مما سمعت قال تعالى {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ} تعجباً وقالت {أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ} امرأة تنيف على الستين أو تصل إلى السبعين ثم تأتيها البشارة بغلام لها فتضحك ضحك التعجب.
وأعظم ضحك هو ما يضحكه المؤمن يوم القيامة قال الله تعالى {فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ}
حكم الضحك
التبسم وطلاقة الوجه صدقة من الصدقات التى حثنا عليها رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «تَبَسُّمُكَ فِي وَجْهِ أَخِيكَ صَدَقَةٌ»
وإدامة التبسم سنة فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ تَبَسُّمًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» وعَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «مَا رَآنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي»
والتبسم من المعروف فقد رَوَىَ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِىُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ وَإِنَّ مِنَ المَعْرُوفِ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ» ولا ينبغي للمسلم أن يستصغر هذا المعروف فقد رَوَى مُسْلِمٌ فِى صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ قَالَ لِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ».
صفة ضحك النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
لم يكن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عابث الوجه قاطب الجبين ولكن كان للضحك والمرح جزء من حياته وما كان النبى يضحك كضحكنا بقهقة وبصوت عال بل كان ضحكه تبسما عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ جَزْءٍ الزُّبَيْدِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «مَا كَانَ ضَحِكُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا تَبَسُّمًا» وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ «مَا رَأَيْتُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُسْتَجْمِعًا قَطُّ ضَاحِكًا حَتَّى أَرَى مِنْهُ لَهَوَاتِهِ إِنَّمَا كَانَ يَتَبَسَّمُ».
نماذج من ضحك الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
سُئِلَ ابْنُ عُمَرَ «هَلْ كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُونَ؟ قَالَ نَعَمْ وَالإِيمَانُ فِي قُلُوبِهِمْ أَعْظَمُ مِنَ الْجَبَلِ» وربما كان في بعض أصحاب رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أناس ظرفاء عندهم طبعٌ فيه مزاحٌ وظرفٌ فكان عليه الصلاة والسلام يضحك مما يحصل منهم رَوَى الْبُخَارِيُّ فِى صَحِيحِهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ «أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ اسْمُهُ عَبْدَ اللَّهِ وَكَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
ولكن كيف كَانَ يُضْحِكُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ «أَنَّ رَجُلًا كَانَ يُلَقَّبُ حِمَارًا وَكَانَ يُهْدِي لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعُكَّةَ مِنَ السَّمْنِ وَالْعُكَّةَ مِنَ الْعَسَلِ فَإِذَا جَاءَ صَاحِبُهَا يَتَقَاضَاهُ جَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِ هَذَا ثَمَنَ مَتَاعِهِ فَمَا يَزِيدُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ يَبْتَسِمَ وَيَأْمُرَ بِهِ فَيُعْطَى»
ورَوَى الطَّبَرَانِىُّ فِى الْكَبِيِر «أَنَّ خَوَّاتَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ نَزَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ الظَّهْرَانِ فَخَرَجْتُ مِنْ خِبَائِي فَإِذَا أَنَا بِنِسْوَةٍ يَتَحَدَّثْنَ فَأَعْجَبْنَنِي فَرَجَعْتُ فَاسْتَخْرَجْتُ عَيْبَتِي فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا حُلَّةً فَلَبِسْتُهَا وَجِئْتُ فَجَلَسْتُ مَعَهُنَّ وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قُبَّتِهِ فَقَالَ أَبَا عَبْدِ اللهِ مَا يُجْلِسُكَ مَعَهُنَّ؟ فَلَمَّا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هِبْتُهُ واخْتَلَطْتُ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ جَمَلٌ لِي شَرَدَ فَأَنَا أَبْتَغِي لَهُ قَيْدًا فَمَضَى وَاتَّبَعْتُهُ فَأَلْقَى إِلَيَّ رِدَاءَهُ وَدَخَلَ الْأَرَاكَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ مَتْنِهِ فِي خَضِرَةِ الْأَرَاكِ فَقَضَى حَاجَتَهُ وَتَوَضَّأَ فَأَقْبَلَ وَالْمَاءُ يَسِيلُ مِنْ لِحْيَتِهِ عَلَى صَدْرِهِ أَوْ قَالَ يَقْطُرُ مِنْ لِحْيَتِهِ عَلَى صَدْرِهِ فَقَالَ أَبَا عَبْدِ اللهِ مَا فَعَلَ شِرَادُ جَمَلِكَ؟ ثُمَّ ارْتَحَلْنَا فَجَعَلَ لَا يَلْحَقُنِي فِي الْمَسِيرِ إِلَّا قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَبَا عَبْدِ اللهِ مَا فَعَلَ شِرَادُ ذَلِكَ الْجَمَلِ؟ فَلَمَّا رَأَيْتُ ذَلِكَ تَعَجَّلْتُ إِلَى الْمَدِينَةِ واجْتَنَبْتُ الْمَسْجِدَ وَالْمُجَالَسَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ تَحَيَّنْتُ سَاعَةَ خَلْوَةِ الْمَسْجِدِ فَأَتَيْتُ الْمَسْجِدَ فَقُمْتُ أُصَلِّي وَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَعْضِ حِجْرِهِ فَجْأَةً فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ وطَوَّلْتُ رَجَاءَ أَنْ يَذْهَبَ ويَدَعُنِي فَقَالَ طَوِّلْ أَبَا عَبْدِ اللهِ مَا شِئْتَ أَنْ تُطَوِّلَ فَلَسْتُ قَائِمًا حَتَّى تَنْصَرِفَ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي وَاللهِ لَأَعْتَذِرَنَّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولَأُبْرِئْنَ صَدْرَهُ فَلَمَّا قَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ أَبَا عَبْدِ اللهِ مَا فَعَلَ شِرَادُ ذَلِكَ الْجَمَلِ؟ فَقُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا شَرَدَ ذَلِكَ الْجَمَلُ مُنْذُ أَسْلَمَ فَقَالَ رَحِمَكَ اللهُ ثَلَاثًا ثُمَّ لَمْ يُعِدْ لِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ».
ورَوَى أَحْمَدُ فِى مُسْنَدِهِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ «أَتَتْ سَلْمَى مَوْلَاةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ امْرَأَةُ أَبِي رَافِعٍ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْتَأْذِنُهُ عَلَى أَبِي رَافِعٍ قَدْ ضَرَبَهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي رَافِعٍ مَا لَكَ وَلَهَا يَا أَبَا رَافِعٍ؟ قَالَ تُؤْذِينِي يَا رَسُولَ اللهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَ آذَيْتِيهِ يَا سَلْمَى؟ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللهِ مَا آذَيْتُهُ بِشَيْءٍ وَلَكِنَّهُ أَحْدَثَ وَهُوَ يُصَلِّي فَقُلْتُ لَهُ يَا أَبَا رَافِعٍ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَحَدِهِمُ الرِّيحُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَقَامَ فَضَرَبَنِي فَجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ وَيَقُولُ يَا أَبَا رَافِعٍ إِنَّهَا لَمْ تَأْمُرْكَ إِلَّا بِخَيْرٍ»
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَزِيرَةٍ قَدْ طَبَخْتُهَا لَهُ فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنِي وَبَيْنَهَا كُلِي فَأَبَتْ فَقُلْتُ لَتَأْكُلِنَّ أَوْ لَأُلَطِّخَنَّ وَجْهَكِ فَأَبَتْ فَوَضَعْتُ يَدِي فِي الْخَزِيرَةِ فَطَلَيْتُ وَجْهَهَا فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَضَعَ بِيَدِهِ لَهَا وَقَالَ لَهَا الْطَخِي وَجْهَهَا فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهَا فَمَرَّ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ يَا عَبْدَ اللَّهِ فَظَنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَيَدْخُلُ فَقَالَ قُومَا فَاغْسِلَا وُجُوهَكُمَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَمَا زِلْتُ أَهَابُ عُمَرَ لِهَيْبَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «اسْتَأْذَنَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ قَدْ عَلَتْ أَصْوَاتُهُنَّ عَلَى صَوْتِهِ فَلَمَّا اسْتَأْذَنَ عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الْحِجَابَ فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضْحَكُ فَقَالَ عُمَرُ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ – دعاء بمزيد السرور واستمراره – فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلَاءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الْحِجَابَ قَالَ عُمَرُ فَأَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَحَقُّ أَنْ يَهَبْنَ ثُمَّ قَالَ عُمَرُ أَيْ عَدُوَّاتِ أَنْفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلَا تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقُلْنَ نَعَمْ أَنْتَ أَغْلَظُ وَأَفَظُّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ»
رَوَى الْبُخَارِيُّ فِى صَحِيحِهِ عَنِ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «بَيْنَمَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ قَالَ مَا لَكَ؟ قَالَ وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي وَأَنَا صَائِمٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَلْ تَجِدُ رَقَبَةً تُعْتِقُهَا؟ قَالَ لا قَالَ فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ؟ قَالَ لا فَقَالَ فَهَلْ تَجِدُ إِطْعَامَ سِتِّينَ مِسْكِينًا؟ قَالَ لا قَالَ فَمَكَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَيْنَا نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهَا تَمْرٌ وَالْعَرَقُ الْمِكْتَلُ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُ؟ فَقَالَ أَنَا قَالَ خُذْهَا فَتَصَدَّقْ بِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَعَلَى أَفْقَرَ مِنِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ لابَتَيْهَا – يُرِيدُ الْحَرَّتَيْنِ- أَهْلُ بَيْتٍ أَفْقَرُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي فَضَحِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ ثُمَّ قَالَ أَطْعِمْهُ أَهْلَكَ»
عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ «حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الطَّائِفِ فَلَمْ يَنَلْ مِنْهُمْ شَيْئًا فَقَالَ إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقَالَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَرْجِعُ وَلَمْ نَفْتَتِحْهُ؟ لَا نَبْرَحُ أَوْ نَفْتَحَهَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاغْدُوا عَلَى الْقِتَالِ فَغَدَوْا فَقَاتَلُوهُمْ قِتَالًا شَدِيدًا وَكَثُرَ فِيهِمُ الْجِرَاحَاتُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا قَافِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَسَكَتُوا فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ – أَيْ اِسْتَأْذَنَ رَبّه فِي أَنْ يُبَاشِر الزِّرَاعَة – فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَلَسْتَ فِيمَا شِئْتَ؟ – من المشتهيات والنعيم – قَالَ بَلَى وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ قَالَ فَبَذَرَ فَبَادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ فَكَانَ أَمْثَالَ الْجِبَالِ – الْمُرَاد أَنَّهُ لَمَّا بَذَرَ لَمْ يَكُنْ بَيْن ذَلِكَ وَبَيْن اِسْتِوَاء الزَّرْع وَنِجَاز أَمْره كُلّه مِنْ الْقَلْع وَالْحَصْد وَالتَّذْرِيَة وَالْجَمْع وَالتَّكْوِيم إِلَّا قَدْرُ لَمْحَة الْبَصَر – فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ دُونَكَ – أَيْ خُذْهُ – يَا ابْنَ آدَمَ فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ وَاللَّهِ لَا تَجِدُهُ إِلَّا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ وَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»
وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «رُبَّمَا قَالَ لِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا ذَا الْأُذُنَيْنِ» قَالَ أَبُو أُسَامَةَ يَعْنِي يُمَازِحُهُ.
آخر ابتسامة في حياة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
رَوَى الْبُخَارِيُّ فِى صَحِيحِهِ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ يُصَلِّي لَهُمْ فِي وَجَعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ وَهُمْ صُفُوفٌ فِي الصَّلاةِ فَكَشَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سِتْرَ الْحُجْرَةِ يَنْظُرُ إِلَيْنَا وَهُوَ قَائِمٌ كَأَنَّ وَجْهَهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ – من حيث رقة الجلد وصفاء البشرة والجمال – ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ فَهَمَمْنَا أَنْ نَفْتَتِنَ مِنَ الْفَرَحِ بِرُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَكَصَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى عَقِبَيْهِ لِيَصِلَ الصَّفَّ وَظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَارِجٌ إِلَى الصَّلاةِ فَأَشَارَ إِلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَتِمُّوا صَلاتَكُمْ وَأَرْخَى السِّتْرَ فَتُوُفِّيَ مِنْ يَوْمِهِ».
شروط المزاح
1 – عدم الكذب فلا يجوز الكذب لإضحاك الناس عَنْ مُعَاوِيَةَ بن حَيْدَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ «وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ الْقَوْمَ وَيْلٌ لَهُ وَيْلٌ لَهُ» وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَلَا هَلْ عَسَى رَجُلٌ مِنْكُمْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ يُضْحِكُ بِهَا الْقَوْمَ فَيَسْقُطُ بِهَا أَبْعَدَ مِنَ السَّمَاءِ أَلَا هَلْ عَسَى رَجُلٌ مِنْكُمْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ يُضْحِكُ بِهَا أَصْحَابَهُ فيَسْخَط اللَّهُ بِهَا عَلَيْهِ لَا يَرْضَى عَنْهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ النَّارَ» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا – تُمَازِحُنَا – قَالَ إِنِّي لَا أَقُولُ إِلَّا حَقًّا».
2 – عدم الإكثار منه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ «خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَهْطٍ مِنْ أَصْحَابِهِ يَضْحَكُونَ وَيَتَحَدَّثُونَ فَقَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا ثُمَّ انْصَرَفَ وَأَبْكَى الْقَوْمَ وَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِ يَا مُحَمَّدُ لِمَ تُقَنِّطُ عِبَادِي؟ فَرَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَبْشِرُوا وَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كُنْ وَرِعًا تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ وَكُنْ قَنِعًا تَكُنْ أَشْكَرَ النَّاسِ وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا وَلَا تُكْثِرِ الضَّحِكَ فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ» وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ وَحْدَهُ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي قَالَ أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ فَإِنَّهُ رَأْسُ الأَمْرِ كُلِّهِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي قَالَ عَلَيْكَ بِتِلاوَةِ الْقُرْآنِ وَذِكْرِ اللَّهِ فَإِنَّهُ نُورٌ لَكَ فِي الْأَرْضِ وَذُخْرٌ لَكَ فِي السَّمَاءِ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ زِدْنِي قَالَ إِيَّاكَ وَكَثْرَةَ الضَّحِكِ فَإِنَّهُ يُمِيتُ الْقَلْبَ وَيَذْهَبُ بِنُورِ الْوَجْهِ».
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو خير البشر متصلاً قلبه بربه فكان لا يُكثر من الضحك ولا يقهقه كما يفعل كثيرٌ من الناس بل كان عليه الصلاة والسلام وقوراً متزناً هادئاً عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَوِيلَ الصَّمْتِ قَلِيلَ الضَّحِكِ وَكَانَ أَصْحَابُهُ يَتَنَاشَدُونَ عِنْدَهُ الشِّعْرَ وَيَتَذَاكَرُونَ أَشْيَاءَ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ فَيَضْحَكُونَ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاكِتٌ وَرُبَّمَا تَبَسَّمَ مَعَهُمْ» وهاتان صفتان ينبغي أن يتخلق بهما المسلم الجاد ولا شك أن هذا يعود إلى تقدير وتذكر ما خلق الإنسان من أجله {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ} رَوَى الطَّبَرَانِىُّ فِى الْأَوْسَطِ عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ قَالَ لِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ «يَا أَحْنَفُ مَنْ كَثُرَ ضَحِكُهُ قَلَّتْ هَيْبَتُهُ مَنْ مَزَحَ اسْتُخِفَّ بِهِ وَمَنْ أَكْثَرَ مِنْ شَيْءٍ عُرِفَ بِهِ وَمَنْ كَثُرَ كَلَامُهُ كَثُرَ سَقَطُهُ وَمَنْ كَثُرَ سَقَطُهُ قَلَّ حَيَاؤُهُ وَمَنْ قَلَّ حَيَاؤُهُ قَلَّ وَرَعُهُ وَمَنْ قَلَّ وَرَعُهُ مَاتَ قَلْبُهُ» ومَرَّ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ بِشَابٍّ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ لَهُ يَا بُنَيَّ هَلْ جُزْتَ عَلَى الصِّرَاطِ؟ قَالَ لَا فَقَالَ هَلْ تَبَيَّنَ لَكَ إِلَى الْجَنَّةِ تَصِيرُ أَمْ إِلَى النَّارِ؟ قَالَ لَا قَالَ فَفِيمَ هَذَا الضَّحِكُ؟ قَالَ فَمَا رُؤِيَ الْفَتَى ضَاحِكًا بَعْدَهُ قَطُّ وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِجِبْرِيلَ عليه السلام مَا لِي لَمْ أَرَ مِيكَائِيلَ ضَاحِكًا قَطُّ؟ قَالَ مَا ضَحِكَ مِيكَائِيلُ مُنْذُ خُلِقَتِ النَّارُ».